
يعتبر الإعداد السياسي جزءاً هاماً من إعداد الدولة للحرب، بل يعتبر العنصر الأساسي الذي يبنى عليه باقي عناصر إعداد الدولة للحرب، حيث لا يغيب عن أذهاننا أن للسياسة والسياسيين دوراً هاماً وأساسياً في الاستراتيجية العامة للدولة. والهيئة السياسية في الدولة هي أساس التخطيط والتنفيذ وإصدار التعليمات والتوجيهات لباقي العناصر، وهي المسؤولة عن وضع الدولة داخلياً وخارجياً سلماً وحرباً. بل إن السياسة تأتي غالباً قبل المدفع والطائرة والصاروخ، لكونها الموجه لاستخدامهم الاستخدام الأمثل أو بالعكس. وهي المنظم للعلاقات الدولية التي تلتزم بها الدولة، وبالتالي باقي أجهزتها.
والسياسة قديمة قدم الإنسان، وعليها اعتمد عقلاء كل جيل كوسيلة لفض النزاعات، والدعوة لتنظيم العلاقات على أساس ودي يسوده التفاهم وتدعمه الرغبة في إبعاد ويلات الحرب عن الأمم. وتعد السياسة الناجحة للدولة عاملاً رئيسياً لكسب تأييد وتحالف دول العالم معها، وجعل مكانتها مرموقة وسط أصدقائها وأعدائها. لذلك نتناول موضوع الإعداد السياسي من حيث السياسة الخارجية للدولة، والسياسة الداخلية، ثم التعبئة السياسية للدولة والوجه السياسي للعقيدة العسكرية. ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوةٌ حسنة لأنه أول من قام بوضع الأسس السليمة للإعداد السياسي للدولة الإسلامية، التي مكنتها من الاتساع بحيث شملت العالم كله، كما أن قادة الإسلام اتبعوا سياسة الرسول -صلى الله عليه وسلم- سواءً داخل الأمة الإسلامية أو خارجها (لأن سياسة الإسلام كانت سياسة مباشرة وهي الدعوة السليمة، سواءً ما كان منها بين المسلمين ومجاوريهم في جزيرة العرب أو فيما وراءها)