...نريد أن نرسل له دعوة لحضور وليمة عشاء في بيتنا المتواضع، ونطلب منه قبولها) فلما سمع الشيخ خضيري الرسالة، قال لابنه: (أبلغ أبا خلف أنني سأكون عندهم مساءً بإذن الله). وبالفعل، ذهب الشيخ إلى بيت أبي خلف، وجلس معهم بكل تواضع ومحبة، وشاركهم الطعام والحديث، وظل يدعو لهم بالخير والرزق. كان دائمًا يؤكد على أهمية التواصل الاجتماعي واحترام الدعوات، بغض النظر عن المستوى المادي أو المكانة الاجتماعية.

وفي موقف آخر يدل على حكمته وعدله، جاءه رجل يطلب وساطته لحل خلاف كبير بين عائلتين في القرية. استمع الشيخ للقضية بتفصيل، وقام بجمع العائلتين في داره، حيث جلس معهما بهدوء واستمع لكل طرف بعناية. ثم قال: (الصلح سيد الأحكام، وكلنا إخوة في الدين والعروبة، وعلينا أن نسامح بعضنا البعض). بفضل حكمته، تم الصلح بين العائلتين، وعاشوا بعدها في سلام ووئام.

كان الشيخ خضيري معروفًا بتفانيه في خدمة الناس، وكان بيته مقصدًا للفقراء والمحتاجين. كان يقدم العون بلا مقابل، سواء كان ذلك ماديًا أو معنويًا. وكان يقول دائمًا: (ما نقص مال من صدقة، والله يعوض المحسنين أضعافًا).

أحب الشيخ خضيري العلم، وكان يحث أبناءه وأبناء قريته على التعليم والتفوق. كان يؤمن أن العلم هو السبيل للارتقاء بالمجتمع. أسس مكتبة صغيرة في بيته تحتوي على كتب دينية وقانونية وتاريخية، وكان يدعو الشباب لقراءتها والاستفادة منها.

رغم حياته المليئة بالعمل والخدمة، لم يكن الشيخ يخلو من الابتلاءات. لكنه كان دائمًا يصبر ويحتسب، ويقول: (الحياة دار ابتلاء، ونحن مأجورون إن صبرنا واحتسبنا). هذا الإيمان العميق بالله جعل منه نموذجًا يُحتذى به في الزهد والورع.

ترك الشيخ خضيري بصمة لا تُنسى في قلوب كل من عرفه، وأصبح اسمه مرتبطًا بالصدق والنزاهة والعدل. رحم الله الشيخ خضيري علي الجميلي، وجعل مثواه الجنة، وجزاه خير الجزاء على ما قدمه لأبناء قريته ووطنه.