[frame="10 10"]
الموضوع خال من التلميحات ؛ فلست جبانا لأتخفى في رمز !
الحمد لله الذي أنعم علينا وصلاة وسلاما على رسول بالحقِّ أُرسل إلينا ، وبعد :
في بعض الأحيان تكون المقدمات الطويلة شيئا من الإسراف ؛ فنلجأ دون روية إلى الدخول في الأصلاب وما وراء الأصلاب !
أحدثكم اليوم عن " العنترية الكتابية " ، وتعريف ذلك المصطلح : هو أن يبادر الكاتب الذي كان يكتب موضوعا شهريا – أو ربما أكثر من شهر – إلى كتابة موضوع كل يوم – إن كان هناك ما يمس شخصه - .
لا أخفيكم سرًّا قد وقعتُ في ذلك الأمر أكثر من مرة ، وكل مرة كنتُ أسألُ نفسي فيها لِمَ بادرتَ إلى الكتابة بتلك السرعة ؟!
فكنتُ لا أخلصُ إلى جوابٍ شافٍ يُعالج أرقي !
فقلتُ في نفسي ربَّما الأمر يختص بي دون غيري ؛ فعندما أثور أهرعُ إلى الكتب وألملم الأوراق لصناعة بحث دامغ فيه الأدلة واضحة للعميان !
فوجدتُ أنها آفة – وأيُّ آفة تلك التي تستنزف وقت الباحث رغم أنفه ! – والآفة لو استغلت بعلاج مضاد ؛ ماتت وجئتنا بأمر يحملنا على الخير حملا !
هل تلك العنترية نابعة من كوننا لا نستطيع امتلاك أعصابنا إذا ألمت بنا الخطوب ؟
أم أنها نابعة من ظلم يقع على الباحث ؛ فيذهب إلى آداته التي يجيد التعامل بها ؛ فيُخرج بحثا يذب به عن نفسه ؟
أم أن تلك العنترية نابعة من غرور وغطرسة الكاتب الذي يرى نفسه في معزل عن الخطأ ، ويستطيع أن يتعلق بجبال الكبر ، رافضا سفينة النجاة ؟!
أم أن هناك تطلعات أخرى لكتابنا الأفاضل !!!
التسامح الفكري :
أنتقل للقسم الثاني من المقال ، ويتحدث عن " التسامح الفكري " ، وأعرض وجهة نظري في التسامح الفكري ببساطة :
إن الاختلاف نعمة وأرى - من وجهة نظري القاصرة – أن الاختلاف إذا طُعِّمَ بتسامح فكري ، ووُضع في إطار أخلاقي ؛ يُخَلِّف ذلك أثرًا فعالا يعيننا على تطوير أفكارنا بأسلوب حضاري يتناغم والعصر الحالي !
فإننا إن افتقدنا التسامح الفكري ، وجدنا أنفسنا ندور في رحى " العنترية الكتابية " !
التسامح الفكري عنصر مفتقد في واقعنا المعاصر ؛ فإننا اعتدنا في محاوراتنا على الرمي بالحطب وسُرعان من نجد من يُلقي بأعواد الثقاب ؛ ليُشعل الحوار ومن فيه ويهدم عليهم معبد الحوار المقدس ، وللأسف نجد كثيرين ينقادوا معه في تلك المأساة ويسلموا قيادهم إليه بسهولة !
فلو اعترف الجاهل بجهله – وليس الجاهل من ظنَّ أنه جاهل ؛ بل الجاهل من ظنَّ أنه قد برأ من الجهل ! - ، وأقر بعجزه وقصوره ، وكذا أفاض من لديه علم من علمه بأدب دونما تعالي أو كبر ؛ لوجدت " التسامح الفكري " يفيض علينا من فيض نواله ، وآنذاك سننعم بعلم ومُعلم ومجلس علم ، يليق بتاريخنا وبأصولنا الميمونة !
الوصايا العشر :
1/ لا تغتر بالمدح ؛ فمادحك اليوم إن خالفت هواه غدا ، سبَّك وسبَّ أباك وأبا أباك وقد يبلغ في السبِّ غايتاه !
2/ اعترف بقصورك ، واعترف بقلة معرفتك ، واغتنم الفرصة ؛ فكل شخص أمامك كنز عنده ما يمكنك أن تأخذه منه .
3/ اخرج من المحاورات الساخنة دونما رواسب ، واعلم أنك خرجت من الحوار لك وعليك ؛ فلتغفر ما لك ليُغفر لك ما عليكَ !
4/ كلما ظننت أنك قد بلغت المجد طالع صفحاتك الأولى وفيها فتش ؛ ستجد رجلا لا تعرفه وهو يعرفك ؛ فلا تنكره وبادر بمصالحته ؛ فلولاه ما كنت !
5/ تواضع للعلم ولا تتكبر ؛ فإنك إن تواضعت اعتليت وإن تكبرت صغرت وتضاءلت !
6/ " العنترية الكتابية " مفيدة ضارة !
مفيدة إذا أُخرجت لبناء فضيلة ، ضارة إذا أُخرجت للذب عن الذات – ليس إلا - الضئيلة !
7/ " التسامح الفكري " عنصر فعال إذا وجدناه سنجد نعيما وأُنسا وسبيلا محفوفا بالخيرات .
8/ بادر بالإحسان إلى من أساء إليك ، وأحسن الظن بمن أساء الظن فيكَ ، ولا تكن إمعة !
9/ إذا ذهبت إلى وسادتك حاول أن تفرغ عليها آلامك وأن تنهض من سباتك سريعا تاليا قوله تعالى : { وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } [الحشر : 10] .
10/ لا يمنعك ورعك ومراعاة شعور الآخرين أن تجانب الحق ، وأن تداهن كيلا تغضب الآخرين ؛ قُل الحق ولو كان مؤلما ، ولكن توخى الحذر في اختيار موعد النصيحة ، وكيفية انتقاء أسلوبا مناسبا لتوجيهها !
بارك الله في الجميع
تلك دعوة للتصافي ؛ فهلا لبيتم دعائي !
والذي خلقنا من تراب إني أحبكم جميعكم في الله ولا أحمل للجميع إلا كل الودِّ !
تحيات
@ آلقنآآآآآآآآًصً @