[align=right]كانت الجزيرة العربية قبل قدوم الملك عبدالعزيز لها تفتقد الحكم بالشريعة، فكانت القبائل تطبق قوانين تعارف عليها أهل كل قبيلة وكان أشرافهم يتمتعون بالسلطة المطلقة
[ فالاعتداء والغارة على القبائل المجاورة وسلب أموالهم وقتلهم لا يعتبر إجراماً بل يعتبر نوعاً من البطولة ومفخرة قومية يتحدث بها الركبان والشعراء سبحان الله لتقليب المفاهيم ] حتى هيأ الله لها الملك عبدالعزيز الذي أرسل لهذه القبائل المندوبين يحذرونهم من خطورة هذا الأمر ويدعونهم للسلام والأخوة وذكروهم بقول الله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا
وبقوله تعالى: ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ( )، ثم خاطبهم بالتي هي أحسن وجادلهم بالكلام الطيب ومع ذلك بدءوه بحروب شرسة انتهت بانتصار هذا الملك العادل لأنه يدعو للتوحيد بأقواله وأفعاله وهدفه إسعادهم لأنه يفرحه ما يفرحهم ويحزنه ما يحزنهم .
وصدق الله القائل: فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ( ) وكما قيل: جولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، ثم بعد ذلك أسس كياناً شامخاً متميزاً متمسكاً بتعاليم الشريعة السمحة وأعاد مجد الإسلام، وساس الناس بكتاب الله وسنة رسوله ، وأصبح الناس إخواناً متحابين كما قال الله تعالى: واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ( ) ثم طبق الملك عبدالعزيز الشرعية وأقام سيف العدالة وحرس طرق الناس فهدأ الناس وأصبحت الجزيرة العربية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً يسير السائر فيها لا يخاف إلا الله مطمئناً ويحمل المال لا أحد يعتدي عليه لأن السارق والمجرم يعرف أن هناك سيفاً مسلولاً بجانب المصحف إذا اعتدى بتره السيف كما قال الله تعالى: ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب ( ) حياة وسعادة ورغد وأمن لأن الشريعة تجعل الإنسان يعيش رخاء يقول عثمان بن عفان -رضي الله عنه-: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" أي أن الله يردع بالسلطان ما لايردع بالقرآن، وصدق الشاعر أبوتمام عندما قال:
السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحدبين الجد واللعب
** لأن بعض الناس لا يرتدع بالقرآن لأن المجرم لو قرأت عليه القرآن فهو مجرم ولكن إذا وجد أميراً وسيفاً ارتدع وخاف غيره فالسلطان ظل الله في الأرض من أهانه أهانه الله، ولهذا فإن الحاكم لابد أن يكون قوياً .
وقصة أبي ذر مشهورة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله! وليت فلاناً وفلاناً وتركتني ظن أبوذر -رضي الله عنه- أن الرسول صلى الله عليه وسلم يولي الولاة بسبب حبه لهم فقـال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((يا أباذر إنك ضعيف)) والرسول صلى الله عليه وسلم ولى رجالاً لأنهم أجدر بالأمر وأقوى في تنفيذ الأوامر وأحسن سياسة.
وفي يوم من الأيام كان الملك "عبدالعزيز" يسير في الصحراء ومعه موكب من حاشيته يتفقد أحوال البادية فشاهد امرأة ومعها قطيع من الغنم فأسرع إليها وسلم فردت السلام .
فقال لها الملك : "تقومين برعي الغنم وحدك ما تخافين من أحد؟"
فقالت المرأة: ما أخاف وأخو نوره موجود .
فقال الملك من أخو نوره؟
فردت المرأة أخو نوره الملك "عبدالعزيز" ففرح الملك واستبشر لأن البدو وهم في الصحراء في أمن ثم أعطاها الملك حفنة بيده من الجنيهات تغنيها وأهلها عشرات السنين.[/align]