"ظل الغابة"
في أعماق غابة كثيفة، كانت الأشجار تعلو وكأنها تحاول لمس السماء، وأصوات الحيوانات تتناغم مع نسيم الليل البارد. يُقال إن الغابة تحمل أسرارًا لا يمكن للبشر أن يفهموها، وأن هناك ظلاً غامضًا يتجول فيها ليلاً، لا يعرف أحد حقيقته.
في إحدى القرى القريبة، كان هناك شاب يُدعى "أدهم"، معروف بشجاعته وفضوله. سمع أدهم حكايات الظل الغامض منذ أن كان صغيرًا، لكنه لم يصدقها قط. وفي إحدى الليالي، قرر أن يستكشف الغابة ويكتشف الحقيقة بنفسه.
تجهّز أدهم بحقيبة صغيرة وضع فيها سكينًا، ومصباحًا يدويًا، وبضع قطع من الطعام. ودّع عائلته قائلاً إنه ذاهب للصيد، لكنه كان يعلم في داخله أنه قد لا يعود.
عندما دخل الغابة، شعر بشيء غريب. الهواء كان أثقل مما توقع، والصمت كان أكثر رعبًا من الأصوات. مشى بين الأشجار الكثيفة لساعات، وكلما تعمق أكثر، ازدادت الظلال حوله طولاً وكأنها تحاول ابتلاعه.
عند منتصف الليل، توقف عند شجرة ضخمة ذات جذع متشعب. فجأة، سمع صوت خطوات خفيفة خلفه. استدار بسرعة، لكنه لم يرَ شيئًا. رفع المصباح وأضاء المكان، فرأى ظلاً طويلاً يتحرك بين الأشجار، رغم عدم وجود أي شخص أمامه.
بدأ الظل يقترب، وأدهم تجمد في مكانه. كانت عيناه تنظران مباشرة إلى الشكل الذي بدأ يتضح. كان الظل يأخذ هيئة إنسان، لكنه بلا ملامح، مجرد كتلة سوداء تتحرك ببطء.
تكلم الظل بصوت عميق:
"لماذا جئت هنا، أيها الإنسان؟"
جمع أدهم شجاعته وقال: "جئت لأكشف حقيقتك، ولأثبت أن الحكايات عنك ليست سوى خرافات."
ضحك الظل بصوت هزّ الغابة بأكملها، وقال: "أحيانًا، الفضول يجلب الهلاك. هل تريد معرفة الحقيقة؟ سأريك إياها، لكن عليك أن تدفع الثمن."
قبل أن يتمكن أدهم من الرد، شعر بيد باردة تمسك بمعصمه. سقط في دوامة من الظلام، ورأى صورًا لأناس دخلوا الغابة قبله ولم يخرجوا أبدًا. كانوا جميعهم محبوسين داخل الظل، يصرخون طلبًا للمساعدة.
استيقظ أدهم فجأة على صوت طيور تغرد وصباح مشرق. كان ملقى بجانب شجرة ضخمة، لكن الغابة بدت مختلفة. عاد إلى القرية، لكنه شعر أن شيئًا ما تغير فيه. كلما اقترب من الناس، كانت ظلالهم تتحرك بشكل غريب، وكأنها تحاول التحدث معه.
مرت الأيام، وأصبح أدهم يخاف النظر إلى ظله في المرآة، لأنه كان يرى فيه وجوه أولئك الذين فقدوا في الغابة. أدرك أنه أصبح جزءًا من اللغز، وأنه، بطريقة ما، هو الآن حارس سر الغابة المظلمة.
منذ ذلك الحين، لم يجرؤ أحد على دخول الغابة مرة أخرى، وأصبحت حكاية أدهم تُروى كتحذير لكل من يحاول كسر حدود المجهول.