الإسلام و الخمور
من مقاصد الشريعة الإسلامية الحفاظ على الكليات الخمس وهي: العقل والنفس والمال والعرض والدين.
ولما كانت الخمر من مهلكات العقل والنفس والمال والدين كان تحريم الله لها.
ولما كانت الخمر أيضًا من الأمور المتعلقة بالشهوات والأنفس كان مقتضى حكمة الله تبارك وتعالى التدرج في تحريمها تدرجًا يتناسب مع نفسية المتعاطين وواقع حياتهم. فالخمر كان عادة اجتماعية في مجتمع ما قبل الإسلام،
وجزءًا من الممارسات العامة لدى القبيلة العربية، فبدأ الإسلام يُبيِّن أن الخمر فيها مضار ومنافع، لكن ضررها أكبر من نفعها
فقال الله تعالى: ﴿ يسئلُونك عن الخَمر والمَيْسر قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كبير ومنـافِعُ للناس وإثْمهما أَكبر من نفعهما ﴾ البقرة: 219 .
ثم اتخذ القرآن بعد ذلك خطوة أكبر في طريق تحريمها فبين أن العبادة لله تستلزم الوعي الكامل، وأنه من العبث بدين الله أن يدخل الإنسان في الصلاة وهو غير واع ٍ فمنع دخُول الناس في الصلاة وهم سكارى
قال تعالى ﴿ يـأيهاَ الَّذين أمَنُواْ لا تقربُواْ الصلاة وأَنتم سكارى حتى تعلَمواْ ما تَقُولُونَ ﴾ النساء: 43 .
وهكذا تهيأ المجتمع لقبول التحريم النهائي فنزل
قوله تعالى ﴿ يأيها الَّذين ءامَنوا إنما الْخَمْر والْمَيْسِر والأنْصاب والأَزلام رجْس مِن عمل الشيطَان فَاجتَنبوه لَعلكم تفلحون ﴾ المائدة:90
وبهذا التدرج التربوي الذي راعى الإنسان وغرائزه، قضى الحق تبارك وتعالى على هذه الظاهرة. ولعل هذا المنهج في التحريم كان وراء استجابة الناس له واتباعهم شرعة الله فيه، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أكد في
أحاديث كثيرة مضار الخمر وضرورة الامتناع عن أي مُسْكِر،
فقال عليه الصلاة والسلام ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام) رواه أحمد وابن ماجه. وقال أيضًا ( ما أسكر كثيره فقليله حرام) رواه مسلم. وقال أيضًا ( لا ضرر ولاضرار) رواه ابن ماجه .
ومن ثمَّ كان تنفيذ حدّ الشرب في متعاطي الخمر ثمانين جلدة، أمرًا طبيعيًا ليكون عقوبة بدنية رادعة تكفُّه عن مخالفة شرع الله.
وهكذا تضافرت كل العوامل السابقة في تطهير المجتمعات الإسلامية من ظواهر الإدمان. ولا زالت هناك بعض الدول الإسلامية الملتزمة بتطبيق حدود الشريعة خصوصًا المملكة العربية السعودية والسودان، وبعض البلدان
الإسلامية الأخرى التي تطبق عقوبة الجلد وتقيم الحد، وحتى البلاد الإسلامية التي لا تقيم هذه الحدود فإن ظاهرة تعاطي الخمر فيها لا تمثل خطرًا كالذي تمثله في البلاد الغربية.