آسيا بنت مزاحم رحمها الله
آسيا بنت مزاحم هي آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد الذى كان فرعون مصر في زمن يوسف عليه السلام. وذهب اخرون انها من بنى اسرائيل من سبط موسى. كانت آسية بنت مزاحم زوجة فرعون من خيار النساء المعدودات، وهي ثانية اثنتين ضرب الله بهما مثلاً للذين آمنوا لتكونا قدوة للمؤمنين على مدى التاريخ الإنسانيّ {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين)
وهي كذلك من أكمل النِّساء اللّواتي قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيهنّ: «كَمُل من الرجال كثـير ولم يكمل من النِّساء إلاّ أربع: آسية بنت مزاحم، ومريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمّد».
وكان فرعون مستهاماً بحبها، طيعاً لها، برغم أنه لم يرزق منها الولد.. وفي إحدى الليالي رأي فرعون مناماً هاله وأقض مضجعه، فأحضر الكهنة والمفسرين من أرباب دولته، وقص عليهم رؤياه فحذروه من مولود يولد في ذاك العام يكون سبباً لخراب ملكه؛ فأمر بقتل كل غلام يولد في هذا العام من بني إسرائيل.
كان في قصر فرعون بستان به نهر كبير، فخرجت الجواري إليه ليغتسلن فيه، فوجدن تابوتاً فأخذنه وظنن أن فيه مالاً فحملنه على حالته حتى أدخلنه إلى آسية، فلما فتحته رأت فيه غلاماً، فألقى الله محبته في قلبها، فرحمته وتعلقت به.
ولما علم المأمورين بالقتل بأن في قصر الملك غلاماً استأذنوه بأن يدخلوا قصره ويقتلوه، فاستوهبته السيدة المؤمنة منه ودافعت عنه وقالت: { قرة عين لي ولك}..
كانت آسية سبباً في نجاته (عليه السلام) من الذبح، وكان هو سبب نجاتها من الهلاك بأن هداها للإيمان ففتحت قلبها لدعوته، وأعرضت عن تهديدات فرعون وغطرسته، وناصرت موسى (عليه السلام) على عدوّ الله وعدوّه وعدوّها، فكانت مع الذين آمنوا وأسلموا بما أنزل على موسى من نبوة، فعلم فرعون بإيمانها واتباعها لعدوه موسى فسجنها وأمر بإنزال أشد أصناف التعذيب عليها لترجع عن دين موسى.
نظرت إليه في ثبات المؤمن الواثق من معية الله تعالى ولسان حالها يقول: ويل لك يا فرعون! ما أجرأك على الله تعالى!
دعا فرعون أمها وقال لها: ابنتك قد أخذها الجنون الذي آخذ الماشطة، ثم إنه أقسم لتذوقن الموت أو لتفكرن بإله موسى، فخلت بها أمها وألحت عليها في موافقة فرعون فيما أراد فأبت أن تكفر بعد إيمانها، فقد أدركت أن الدنيا مهما طال نعيمها فهي إلى زوال، فما كان منها إلا أن استعصمت بالله تعالى تستمد منه العون والثبات.
تأكد فرعون من صدقها عزمها وأنها لن تعود إليه، فأمر بها فمدت بين أربعة أوتاد، ثم ما زالت تعذب حتى ماتت ولسانها لا يفتر عن ذكر الله
رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين). آمنت آسيا بربها وعصت زوجها وخالفت أمها في طاعة الله عز وجل ولله سبحانه وتعالى، آمنت ولم يتورع فرعون الذي أحبها وهام بها ولم يتردد في قتلها عندما تأكد من إيمانها بالله وكفرها به، فقد وصلت وإياه إلى المفاصلة بين الحياة ونعيمها الزائل، أو الموت والعذاب في سبيل ما عرفت من الحق، فاختارت الأخرى راضية غير يائسة ولا قانطة من رحمة الله.....