بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه حمدا لا ينتهي بعدد ولا يقطعه أبد وصلى الله وسلم على نبينا محمد أفضل صلاة وأتم تسليم وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وبعد:
خطرت علي خاطرة فلما علمت نفعها لمن يعمل بها بادرت بكتابتها لكم لما أعلم من محبتي لكم وهي رد على أهل الأهواء من المسلمين ومن هو في مثل حالهم هدانا الله وإياهم .
إن أهل الأهواء في عقولهم نقص بقدر اتباعهم لأهوائهم وكل على حسب حاله...
فهذا أحد المسلمين المنتسبين للإسلام لا يذهب إلى المسجد فيصلي مع جماعة المسلمين التي فرضها الله على الرجال القادرين وإنما صلاته في بيته مع نسائه وإن قيل له: (اتق الله ... صلاة الفريضة لا تكون إلا في المسجد ولا يصلي الفريضة في بيته إلا النساء وورد التشديد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال : نعم أعلم ذلك وجزاك الله خير ووجهه يعلوه نوع من غضب
فلا تراه يقوم ...فتذكره: صلاة الجماعة خير من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة
قال لك: نعم أعلم ذلك وجزاك الله خيرا ...سبحان الله كيف تبين له الأدلة وهو يعرفها ثم لا يعمل بها والعياذ بالله
فإن قلت له : إذا لماذا لا تصلي في المسجد؟؟؟؟؟
قال : الأرض كلها مسجد ... ما قال ذلك إلا تأييدا لهواه لا اتباع الحق والسنة
هذا مثال ...
وكذلك شارب الدخان هداه الله يعلم أدلة تحريم الدخان ويعرفها وربما يحفظها وهو والله العظيم يستطيع تركه ثم يتبع نفسه هواها ويتمنى على الله الأماني
وكذلك أيضا... إذا قلت له: إن الله حرم الإختلاط وجعل الحجاب للمؤمنات الطاهرات عن المؤمنين الطاهرين
قال : إنما هذا عاداتنا وفعل آبائنا والدين يسر
أي كلام فارغ هذا أي كلام سخيف ... إنما هم تماما كما قال تعالى: ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آبائنا) إن الله جل شأنه وتقدست أسمائه ذكر ذلك استنكارا ونهيا عن مثل هذا الاقتداء وهو العادات المخالفة للشرع
وهذه الآية مثل المطرقة على رؤوس الداعين للعادات والحمد لله
فالذي مثل هؤلاء قد طرحه هواه وتشرب في دمه وأعمى بصيرته وصار إلهه ولا حول ولا قوة إلا بالله والعياذ بالله
فهو لا يرى من الحق إلا ما وافق هواه ولا ينكر من المنكر إلا ما أنكره هواه...
ومثل هذا نسأل الله الهداية للجميع لو جادلته بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن صباح مساء ليل نهار لم تصل من جدالك معه إلى شيء إلا أن يفتح الله عليه باب هداية منه ......
أسأل الله أن يهديه فهو القادر على ذلك واسمع هذه الآية عن من صار هواه هو الذي يأمره وينهاه
قال تعالى: ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله)؟؟
فهو لا يقبل القران ولا السنة ولا العقل دليلا وإنما يقبل ما وافق هواه فهذا كما قال تعالى ختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة
نسأ الله الهداية للجميع
فإن واجهت مثل هذا وألزمتك الحياة أن تكونا قريبين من بعضكما البعض فإنه ينبغي عليك عدة أمور: ( احفظها واعمل بها)
أولها: أن لا تأخذ شيئا من الدين منه ولا تتعلم منه ولو قص عليك القصص العجاب إلا أن يتوب.
ثانيها: أن تتجنب مخالطته ما استطعت إلا إذا ألزمت ذلك فتجعل مخالطتك له لكي تحمد الله على هدايته لك وتأخذ منه العبرة فلا تكون مثله.
ثالثها: التزود من العلم وأخص ما يرد على أدلة هواه وإيرادها عليه بأسلوب يقتضي نفي مناسبة الدليل للمسألة وبعده عنها وإيضاح إشكاله بالقرآن والسنة إن استطعت والموفق من وفقه الله لذلك.
رابعها: الصبر ... الصبر ولا تقل هذا يعيش وأنا أحرَم وهو يفعل ما يشاء وأنا مقيد فإن هذا من كيد الشيطان وتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بعث في أمة تعبد الأصنام وتدين بالقبيلة فعادوه وآذوه ولكنه عليه الصلاة والسلام صبر ... صبر لمدة تزيد على العشرين سنةفكان ما تعلمه بأن أقرت الجاهلية بالتوحيد ودانت العرب بالإسلام...فانظر كيف عاقبة الصابرين
خامسها: الدعاء له بالهداية في ظهر الغيب وأن تكون متسامحا معه في أخلاقك .... قويا في دينك وأن لا تغضب عليه أو تقول له قولا يدل على غضبك منه إلا إن استمر واستمر ولم يأبه بالحق .... وأن لا تقصد القول الذي يغضبه وينفره حرصا منك على هدايته
وكذلك الدعاء له في وجهه كأن تقول : أسأل الله أن يشرح صدرك ويهديك
هذا ما أردت تقديمه لكم راجيا من الله تعالى الإخلاص في القول والعمل والهداية للجميع لما يحبه ويرضاه فهو ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كتبه : غيورعلى دينه