أوصاف أهل النار و أحوالهم ( هام جدا، لتجنب هذا العذاب)
بسم الله الرحمن الرحيم، والسلام على أشرف المرسلين والحمد لله رب العالمين
أما بعد:
فيا عباد الله، اتقوا الله حق تقاته، وبادروا بالسعي إلى مرضاته، قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا ، اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) [الأحزاب: 71،70]
أيها المسلمون، خلق الله الخلق ليعبدوه، و نصب لهم أدلة على عظمته ليخافوه، ووصف لهم شدة عذابه و دار عقابه ليكون ذلك قامعا للنفوس و عن غيّها وفسادها، و باعثا لها إلى فلاحها ورشادها، فاحذروا ما حذركم، و ارهبو ما رهّبكم، من النار التي ذكر في كتابه وصفها، وجاء لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم نعتها.
دار اشتد غيظها وزفيرها، وتفاقمت فظاعتها و حمي سعيرها، سوداء مظلمة، شعثاء موحشة، دهماء محرقة ، قال تعالى : ( لاتبقي ولا تذر* لواحة للبشر* عليها تسعة عشر) [ المدثر:30،28]. لا يطفأ لهبها، و لايخمد جمرها قال تعالى : ( جهنم يصلونها فبئس المهاد) [ ص: 56].
قطع ذكرها بطبقاته و دركاتها و أبوابها و سرادقها و قلوب خائفين، فتوكفت العبرات، و ترادفت الزفرات، يقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( والذي نفسي بيده، لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا) قالو: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: ( رأيت الجنة و النار) رواه مسلم،، ويقول النعمان بن البشير رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب و يقول: ( أنذرتكم النار، أنذرتكم النار) حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه. رواه أحمد وغيره
أيها المسلمون، الجنة أقرب إلى احدكم من شراك نعله و النار مثل كذالك، و ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، فضلت عليها بتسعة وستين جزءا، كلها مثل حرها. و إن ما تجدون من حر الصيف و هجير الغيظ نفس من أنفاسها يذكركم بها، فعن النبي صلى الله عليه وسلم ( اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب، أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين، نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فأشد ما تجدون من الحر و أشد ما تجدون من الزمهرير، و إن أشد الحر من فيح جهنم)
يؤتى بجهنم غدا يوم القيامة تقاد لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها، يؤتى بها تطفح عن شدة الغيظ و الغضب، و يوقن المجرمون حين رؤيتها بالعطب، و يجثو الأمم حينئذ على الركب، و يتذكر الإنسان سعيه،قال تعالى : ( و أنّى له الذكرى* يقول ياليتني قدمت لحياتي* فيومئذ لايعذب عذابه أحد* و لايوثق وثاقه أحد ) [ الفجر: 26،23] ، قعرها وعمقها سبعون خريفا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع و جبة هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا، فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها) رواه مسلم
وينصب الصراط على متن جهنم بفظاظتها و فظاعتها و قصف أمواجها وجلبة ثورانها، دحض مزلة، فيه خطاطيب و كلاليب و حسك، فيمر المؤمنون على قدر أعمالهم، كطرف العين و كالبرق و كالريح و كالطير و كأجاويد الخيل و الركاب، فناج مسلم و مخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم.
منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، و منهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النار ترقوته، يساق أهلها إليها، نصبون وجلون، يدعّون إليها دعّا، ويدفعون إليها دفعا، يسحبون في الحميم ثم إلى النار يسجرون، النار تغلي بهم كغلي القدور،قال تعالى : ( إذا القو فيها سمعو لها شهيقا و هي تفور) [الملك:7]. يستغيثون من الجوع، فيغاثون بأخبث طعام أعدّ لأهل المعاصي و الآثام، قال تعالى : ( إن شجرة الزقوم*طعام الأثيم*كالمهل يغلي في البطون*كغلي الحميم) [الدخان:46،43]
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الأرض لأمرّت على أهل الدنيا معيشتهم، فكيف بمن هو طعامه، وليس له طعام غيره) رواه أحمد. و يغثون بطعام من ضريع، لايسمن ولايغني من جوع، يوك يأخذ بهم لا يدخل في أجوافهم ولا يخرج من حلوقهم، ويغاثون من غسلين أهل النار، وهو صديدهم و دمهم الذي يسيل من لحومهم، فإا انقطعت أعناقهم عطشا وظمأ سقو من عين آنية، قد آن حرّها، و اشتد لفحها، و أغيثو بحميم يقطع منهم أمعاءا طالما و لعت بأكل الحرام، و يضعضع منهم أعضاء طالما أسرعت الى اكتساب الحرام، ويشوي منهم وجوها طالما توجهت إلى معصية الملك العلام،قال تعالى : (بئس الشراب وساءت مرتفقا) [الكهف: 29] ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ان الحميم ليصب على رؤوسهم، فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما في جوفه، حتى يمرق قدميه، ثم يعاد كما كان) رواه أحمد والترمذي.
و إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان و شراكان من النار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أحدا أشد منه.