عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /منذ يوم مضى   #1

 
شخصية مهمة

الصورة الرمزية محمد الخضيري

 

محمد الخضيري غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 4803
 تاريخ التسجيل : Jun 2010
 المشاركات : 1,138
 النقاط : محمد الخضيري will become famous soon enoughمحمد الخضيري will become famous soon enough
 تقييم المستوى : 314

مزاجي
رايق
إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى محمد الخضيري
افتراضي ميزان العدل في الميراث بقلم محمد الخضيري الجميلي

ميزان العدل في الميراث – رسالة في أمانة الأخ وحقّ الأخوات

1. المقدمة
الميراث شريعةٌ ربانيةٌ عظيمة، وضعها الله بحكمته وعدله ليُقسّم الحقوق بين الناس بعد الموت، فلا يُظلم وارث ولا يُبخس أحدٌ نصيبه. وقد جعل الله الميراث بابًا من أبواب العدل الاجتماعي، تُردّ فيه الحقوق إلى أصحابها، وتُحفظ فيه الكرامة الإنسانية، وتُختبر به النفوس على الصدق والإيمان.

2. أ. مفهوم التوريث في الإسلام
أولاً: التوريث هو انتقال مال الميت إلى ورثته المستحقين بعد وفاته وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.
ثانيًا: نظّم القرآن الكريم تفاصيل الميراث بدقةٍ بالغةٍ في سورة النساء، فجعل لكلّ وارثٍ نصيبًا معلومًا، لا يُزاد فيه ولا يُنقص. قال تعالى:

﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء: 11].
وهذا التوزيع لم يأتِ تفضيلاً لجنسٍ على آخر، بل جاء مراعيًا لمسؤوليات الذكر المالية وواجباته، ومُكرِّمًا للأنثى بنصيبٍ مضمونٍ لا يُنتزع منها.

3. ب. خطورة التعدي على الميراث
أولاً: إن حرمان البنات أو الأخوات من الميراث ظلمٌ صريح، ومعصيةٌ كبرى، لأنها مخالفة لأمر الله تعالى.
ثانيًا: من يأخذ أكثر من حقه أو يمنع غيره، فإنما يأكل مالًا حرامًا. قال رسول الله ﷺ:

“من قطع ميراث وارثه، قطع الله ميراثه من الجنة.”
ثالثًا: الظلم في الميراث ليس مجرد خطأ مالي، بل هو جريمة أخلاقية ودينية، تُظهر فساد الضمير وضعف الإيمان، لأن الميراث اختبار في العدالة والرحمة، لا في الطمع والجشع.

4. ج. أثم الأخ الذي يبخس أخواته حقّهن
أولاً: الأخ الذي يمنع أخواته من الميراث، قد خان الأمانة التي أوجبها الله عليه، وأكل أموال الناس بالباطل، فيتحول من “سندٍ لهن” إلى “سببٍ في ظُلمهن”.
ثانيًا: لا عذر له بحجة العرف أو الحياء أو الخوف من كلام الناس، لأن أوامر الله مقدّمة على كل اعتبار.
ثالثًا: هذا الفعل يُسبب قطيعة رحم، ويزرع البغضاء بين الإخوة، ويمحو البركة من المال والعمر والذرية.
رابعًا: قال تعالى في وصف أمثال هؤلاء:

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾ [النساء: 10]
وهذا ينطبق في المعنى على كل من يأخذ مالاً بغير حق، سواء كان مال يتيم أو أخت أو قريب.

5. د. الدعوة إلى العدل والإصلاح بين الإخوة
أولاً: على من ورث أن يسارع إلى تقسيم التركة بعد وفاة المورِّث، وألا يُماطل أو يُخفي شيئًا من المال أو الأرض أو الممتلكات.
ثانيًا: من تاب وأعاد الحقوق إلى أهلها، فتح الله له أبواب البركة والمغفرة، وأبدله خيرًا مما أخذ.
ثالثًا: إصلاح ذات البين بين الإخوة والأخوات عبادة عظيمة، تُعيد المودة وتُرضي الله تعالى، قال سبحانه:

﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ [الأنفال: 1].

6. الخاتمة
الميراث امتحانٌ للضمير قبل أن يكون قسمةً في المال، ومن حفظه حفظ الله عليه رزقه وولده. ومن ظَلَمَ فيه، نزع الله منه البركة ولو كَثُرَ ماله.
فلْيَتّقِ كلّ أخٍ ربَّه، وليتذكر أنه مسؤولٌ يوم القيامة عن كل دينارٍ أخذَه بغير حق، وأن الموقف بين يدي الله أعظم من أن يُحتمل.

قال تعالى:
﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾
وقال ﷺ: “اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.”

رسالة المحاضرة:
من العيب أن يُظلم الغريب، لكن أعظم منه أن يُظلم القريب.
فليكن الأخ أخًا في الرحمة قبل النسب، وفي العدل قبل الوراثة، وليجعل من الميراث صلةً لا قطيعة








توقيع »





  رد مع اقتباس