حكي عن بعض الكرام أنه دعا جماعة من أصحابه إلى بستانه وكان له ولد فكان الولد في أول النهار يخدم القوم ويأنسون به ففي آخر النهار صعد إلى السطح فسقط فمات لوقته فحلف أبوه على أمه بالطلاق الثلاث أن لا تصرخ ولا تبكي إلى أن تصبح فلما كان الليل سأله أضيافه عن ولده فقال هو نائم فلما أصبحوا وأرادوا الخروج قال لهم : إن رأيتم أن تصلوا على ولدي فإنه بالأمس سقط من على السطح فمات لساعته فقالوا له : لم لا أخبرتنا حين سألناك فقال : ما ينبغي لعاقل أن ينغص على أضيافه في التذاذهم ولا يكدر عليهم في عيشهم فتعجبوا من صبره وتجلده ومكارم أخلاقه ثم صلوا على الغلام وحضروا دفنه وانصرفوا .
وعلى المضيف الكريم أن لا يتأخر عن أضيافه ولا يمنعه عن ذلك قلة ما في يده بل يحضر إليهم ما وجد ، وانتظار الغائب مما يثقل على الضيف لا سيما إذا كان بعد تقديم الطعام ، فقد قيل ثلاثة تضني سراج لا يضيء ورسول بطيء ، ومائدة ينتظر لها من يجيء ومن إكرام الضيف أن يشيع المضيف الضيف إلى باب الدار .
من كتاب بهجة المجالس وأنيس المقيم والمسافر ..