الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
نبدأ بحول الله وقوته تدبر سورة النساء ، نسأل الله ان يفقهنا فى الدين ويعلمنا التأويل .. اللهم آمين
بداية سورة النساء
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)
- ختم الله تعالى سورة ال عمران بالأمر بتقواه للمؤمنين كما قال " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " ثم ابتدأ سورة النساء بأمر كل الناس - وهم الأعم- بتقواه .. وفيه – والله أعلم – ان الكل مأمور بتقوى الله فهناك حد أدنى للتقوى يجب أن يقوم به الناس جميعا ويرتقون فى مراتب التقوى كلما ازدادوا ايمانا حتى ان خير الخلق صلى الله عليه وسلم قد أمره الله بالتقوى حيث قال " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ "
- الأمر بالتقوى لكل عبد يغرس فى القلب الخوف من سخط الله وعذابه واليقين بأنه لن ينجيه شىء الا تقواه ،كما يؤكد على ذلك تكرار الأمر بالتقوى مرتين فى نفس الآية
- الله تعالى ابتدأ الخلق من نفس واحدة وهى آدم عليه السلام
- حواء مخلوقة من ضلع آدم لقوله " وخلق منها زوجها "
- من ابداع الله فى الخلق تباين أشكال الناس وألوانهم وصفاتهم وأخلاقهم بالرغم من توحد أصلهم .
- سورة النساء تدور بعض موضوعاتها على حق الضعفاء من النساء والأيتام ، والأمر بالتقوى فى افتتاحية السورة مرتين هو الرادع والدافع للمحافظة على تلك الحقوق .
- إثبات رقابة الله تعالى على عباده ينشىء فى نفس العبد مراعاة نظر الله وعلمه بما يعمل .
وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)
- نهى الله تعالى الأوصياء على أموال اليتامى عن ثلاثة امور : حبس مال الأيتام أو الاحتيال بكلا طريقيه سواء بإبدال الردىء بالجيد أو بخلطه مع أموالهم والوعيد الشديد لمن فعل ذلك
- قال تعالى " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا "
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)
- إن تعرض العبد للأمر الذي يخاف منه الجور والظلم ، وعدم القيام بالواجب ـ ولو كان مباحا ـ أنه لا ينبغي له أن يتعرض له ، بل يلزم السعة والعافية ، فإن العافية خير ما أعطي العبد ( السعدى )
- إباحة التعدد لرجل حتى أربع زوجات ( إذا أمن على نفسه الجور والظلم ، ووثق بالقيام بحقوقهن . فإن خاف شيئا من هذا ، فليقتصر على واحدة ، أو على ملك يمينه – السعدى )
وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا
- الأمر بإعطاء المهر للنساء كما قال تعالى " فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً "
- إباحة تنازل المرأة عن بعض مهرها إن كان عن طيب نفس منها ، وبمفهوم المخالفة فإن ما اخذ غصبا فهو حرام .
وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5) ) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)
- النهى عن إتيان الأموال للسفهاء على العموم ، وفيه وجوب تحرى وضع الأموال فى موضعها
- من مقاصد الشريعة حفظ المال الذى به قيام حياة الناس والعوامل المساعدة على حفظه وعدم اضاعته .
- على الوصىّ على مال اليتيم اختبار اليتيم ، فهو واحد من اثنين اما سفيه ، فهذا لايؤتى ماله ويقوم الوصى بالانفاق عليه من الكسوة وغيره ، واما راشد حسن التصرف فهذا يدفع اليه ماله
- النهى عن اتيان اليتامى السفهاء أموالهم ، والحفاظ عليها بقضاء مصالحهم من الكسوة وغيرها
- الشرع ينهى عن الطمع والتطلع لما فى أيدى الغير عامة واليتامى خاصة لمن أغناه الله كما يدعو الى التوسط والأخذ بقدر الحاجة للفقير
- الشرع يؤكد على ضمان ايصال الحقوق لأصحابها
- تبرئة النفس من أى شبهة أمر مطلوب شرعا ولذا أمر بالأوصياء بأن يشهدوا على تسليم الأموال لليتامى
- إثبات محاسبة الله العباد على أفعالهم وهو ما يتضمن إحاطة علمه بما يفعلون .
لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا
- الإرث حق فرضه الله وحدد أنصبته لكل من الرجال والنساء فيما تركه الوالدان والأقربون من المال، ولايجوز لأحد الاعتداء على ما فرضه الله بالزيادة او النقص او الحرمان
وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8)
- الشرع يراعى الفطرة الطبيعية للنفس من حب المال ، ولذا أمر بإعطاء شيئا من المال على وجه الاستحباب لمن ليس لهم حق فى التركة اذا حضروا قسمة الميراث
- على المسلم تغليب ما ينشر الألفة بينه وبين اخوانه ولو بالتنازل عن بعض حقه
- التعقيب بقوله " وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا " احترازا مما قد يصدر من المعطى بمنّ أو أذى وهو ما يؤكده قوله تعالى " قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى "
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)
- سبحان الله ... هذا هو الأمان الحقيقى لمن يخاف على ذريته من بعده ..انها تقوى الله والقول السديد .. اللهم آت نفوسنا تقواها يارب العالمين
- شرع الله لايناقض المشاعر والغرائز الطبيعية عند البشر ، فلم ينكر عليهم خوفهم على أولادهم من بعدهم ، وإنما وجّه ذلك الخوف ليكون ايجابيا شرعيا
- ما يقدمه الانسان لنفسه من خير ؛ يحفظه الله به ويحفظ أولاده من بعده وهو مصداق قوله صلى الله عليه وسلم " احفظ الله يحفظك " .
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)
- بعد أن رغّب الله تعالى المؤمنين فى تقوى الله ومجازاتهم بحفظ ذرياتهم ، رهّب من لم يستجب لذلك الترغيب بالتوعد الشديد لمن ظلم اليتامى بالاعتداء على أموالهم
- الجزاء من جنس العمل فمن أكل مال اليتامى ظلما فهو آكل للنار فى جهنم ..جزاء وفاقا .. نسأل الله العافية
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)
- إثبات اسمى الله تعالى العليم والحكيم ومقتضاهما من العلم بعباده وما يصلحهم وحكمته فى التشريع المبنية على سعة علمه جل وعلا
وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)
- تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث ، حدود الله ، يجب الوقوف معها ، وعدم مجاوزتها ، ولا القصور عنها ( السعدى )
- طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بامتثال أمرهما ، في التوحيد ، ثم الأوامر على اختلاف درجاتها ، واجتناب نهيهما ، الذي أعظمه الشرك بالله ، ثم المعاصي على اختلاف طبقاتها فلا بد له من دخول الجنة ، والنجاة من النار . ( السعدى بتصرف )
- الفوز العظيم هو ما يحصل به النجاة من سخط الله وعذابه ، والفوز بثوابه ورضوانه ، بالنعيم المقيم
- الوقوع فى المعاصى يستلزم تعدى الحدود وبالتالى التوعد بالنار .. نسأل الله العافية
والله تعالى اعلم
لا تنسونا من صالح الدعاء