يقول الخلاوي مخاطبا منيع :
فان سألت عنا يامنيع فلا تسل....احجار واشجار يعبدون خايبة
عصات قسات من حديد قلوبهم.....فلو انهم من صم الاحجار ذايبة
فلا عندهم الا أبليس عقيدهم.....فالبعض ابن(ن) له والبعض شايبة
هنا ومن خلال هذه الابيات يصف الخلاوي حال قومه او قبيلته لمنيع فيقول له ان اردت ان تسال عنا يا منيع فلا تسال .. نلاحظ ان الخلاوي اهتم بالرد على سؤال منيع من خلال صيغة الجواب وشرح له احوال قومه بلا تحفظ وبصراحه قويه لاتقال الا لمن هم اقربون فهذا النوع من المصارحه لايقال الا لمن هم ذوي قربى ولاتقال لغيرهم ... ونستنتج من قوة صيغة جواب الخلاوي ان سؤال منيع جاء من بعد الحاح منه وتصميم لمعرفه احوال هؤلاء القوم فما هو السر في ذلك الاهتمام ياترى ...!!
ايضا يتضح لنا من ذلك الالحاح وضوح اهتمام جلي وواضح من منيع بمعرفة سيرة واحوال هؤلاء القوم وان دل ذلك فيدل على ان منيع والخلاوي بينهم صلة قرابة قويه وان هؤلاء القوم يخصون منيع كما يخصون الخلاوي لكنه لايعرف عنهم شيئا نظرا لانقطاع الاخبار بينهم وكانه متعطش لاخبارهؤلاء القوم وهذا يتضح من صيغة رد الخلاوي عليه حين قال ... ( ان سالت عنا يامنيع فلاتسل ) وكان الخلاوي يوجه لمنيع قول الله تعالى ( يأيها الذين آمنولاتسألوا عن أشياء إن تبدو لكم تسؤكم )
وكأن الخلاوي يقول لمنيع ليتك لم تسالني ولم تلح على .. وبما انك من المقربين لي ونظرا لالحاحك وصرارك على السؤال ساجيبك يامنيع واقول :
اعلم يامنيع ان قومنا كانو عاكفين على عبادة الاحجار والاشجار .. وهذه اشارة منه ان قومه كانو في زمن يسوده الجهل العقائدي .. نتيجة ذكره لعبادة الحجر التي تعني إما الاصنام او احجار نصائب القبور وان قلوبهم كانت اقسى من صم الحجر .. الخ .. !!
ويدعم نظريةا لزمن الجاهلي قوله :
(قوم طغووالناس بالجاهليه ... وازرى بهم شرك تطامي غبايبه )
ونزيد على ذلك ان الخلاوي لم يذكر قومه فقط بل ذكر ان الناس جميعا في ذلك العهد كانت على جاهليه وذلك تاكيد لما ذكرنا ..!!
والسؤال هنا :كيف ياتي الخلاوي ويلوم قومه على جهلهم وفي نفس الوقت يصرح ويعترف ان الناس جميعهم كانو في زمن جاهليه وشرك متلاطم من خلال قوله ( قوم طغو والناس بالجاهليه ).. ومن المتعارف عليه ان اللوم لاياتي بصيغة التعميم أي انه لاياتي خاص في حالة عموم الفعل ..!!
ويقول الخلاوي هنا :
تخليت عنهم عقب ما غار دينهم......ومن غار عنه الدين غارت مشاربة )
قوله تخليت عنهم أي تركتهم او رحلت عنهم ... وفعل الترك او الرحيل يقال في حالة المعاصره للشي من قبل ان يستشهد بفعله ويقال رحلت عن اهلى او تركتهم او هجرتهم أي اني كنت معهم لكنى الان رحلت عنهم ومن المتعارف عليه ان فعل الترك او الرحيل يقال في حالة وجود الشخص مع قوم ما ومن ثم يصرح بتركهم بعد الرحيل عنهم ....... وان لو لم يكن معهم لما قال تركتهم فالترك او الرحيل او الهجر يقال بعد فراق من جماع ..!! وياتي هنا الخلاوي موضحا للاخرين سبب التخلي عن قومه وكانه يعلم ان التنبؤات والاقاويل والاشاعات ستكثر على سبب رحيله عن قومه والسبب كما ذكر عقائدي ليس الا (وفعل الغور يعني استبدال الشي الحسن بالشي الخبيث )
ويقال غار عن الطيٍب اي ترك او هجر الطيب وتوجه للخبيث ..!!
قال تعالى : (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)
أي ان قوم الخلاوي كانو على خيروالخير يرمز الى انهم كانو على دين الاسلام ومن ثم غارو عنه الى الادنى أي انهم استبدلو الاسلام بالشرك كما قال في الشطر السابق ولهذا السبب تركهم اوهجرهم او رحل عنهم ..!!
نستنتج مما سبق :
ان الخلاوي كان معاصرا لقومه وشهد زمنهم بدليل الشطر السابق..( تخليت عنهم بعد ماغار دينهم ) ... وهذا ينفي نظريه جلاء الخلاوي عن قومه بسبب الدم او القتل كما يدعي البعض ..!!
ولان الحديث يجر بعضه نقول :بالنسبة لتاريخ نجد واحداثه هناك فتره غامضه في تاريخ نجد والجزيره العربيه كافه بعد فترة بني هلال والتي وصلت منها بعض الاخبارالغير مؤكده وتلك الفتره هي القرنين الخامس والسادس الهجريين .. ويلى تلك الفتره القرن السابع والثامن والتاسع وهذه القرون ايضا تعتبر عند البعض حلقه مفقوده في تاريخ الجزيره ونجد خاصه باستثناء بعض الايماءات التي تختص بالقرن التاسع .. !!
بالمقابل لاننسى ان هناك ثمة علاقه حميمه مؤكده بين( قبائل بني هلال التي ينتمي اليها الخلاوي راشد والقرامطه اهل المذهب الزائغ والمعتقدات الشركيه وكانت قبيلة بني هلال احداعمدة جيش القرامطة الذي غزو به أنحاء الجزيرة العربية والعراق و الشام و مصر .. ويقال ان قبائل بني هلال انتهى بها الامر كمؤيد للقرامطه ..!!
ولعل ابن بشر يعني اعتناق الناس للمذهب القرمطي في تلك الفتره عندما قال ( وكان الشرك إذ ذاك قد فشى في نجد وغيرها، وكثير الاعتقاد في الأشجاروالأحجار والقبور، والبناء عليها، والتبرك بها، والنذرلها) ..!!
ولعل الخلاوي ايضا يقصد قبيلة بني هلال في قوله :
(فان سألت عنا يامنيع فلا تسل....احجار وشجار يعبدون خايبة
عصات قسات من حديد قلوبهم.....فلو انهم من صم الاحجار ذايبة)
اما بالنسبه لنسب منيع فاقول :انا لااجزم بنسب منيع لكني قصدت توضيح ان هناك اهتمام واضح وجلي من منيع بهذه القبيله فما هو سر ذلك الاهتمام ..!!
ولاننسى ايضا ذكر الخلاوي راشد الدائم لمنيع بن سالم في السواد الاعظم من قصائده فلا تكاد تخلو قصيده للخلاوي من اسم منيع ..!!
لذلك اقول :اعتقد ان هناك علاقة نسب حقيقيه يلتقي فيها الخلاوي بمنيع والابماذا يترجم اهتمام منيع باحداث وامور تلك القبيله ..؟
وبماذا يترجم تكرارذكر اسم منيع ..؟
وماذا تترجم تلك المصارحه المفرطه التي ليس لها حدود بين الخلاوي راشد ومنيع لدرجة انه دخل في تفاصيل دقيقه وبلا تحفظ عندما ذكر قومه لمنيع وكما ذكرنا ان هذه المكاشفه او المصارحه لاتقال الى لمن هو قريب من حيث الدم والنسب . فراشد الخلاوي ليس بالدنيئ الذي يذم قومه امام من يعتبرهم غرباء ..؟ كقوله لمنيع عنقومه :
( فان سألت عنا يامنيع فلا تسل....احجار وشجار يعبدون خايبة
عصات قسات من حديد قلوبهم.....فلو انهم من صم الاحجار ذايبة )
وزيادة على ذلك ماذا يفهم من هذه الابيات :
منيع المسمى وانت تدري بما جرى
وجدي وجده في معاليك صالبه ... ( وقيل وجدي وجدك في معاليه صالبه ... وهذا القول الارجح )
لي في نزار وزرة اكتفيبها
لي في نزار الجود أعلى مناسبه
عموما :
لااريد تحويل الموضوع الى الحديث عن هوية منيع لكنى اردت تسليط الاضواء على بعضا من ابيات راشد الخلاوي والتعليق عليها .... وتبقى اجتهادات منى ومن الاخرين ونتفق في نهاية الامر ان الخلاوي راشد ذكر قبيلته ونسبه في عدة قصائد وهذا الامر لايختلف عليه اثنان ... اما بالنسبه لمنيع سواء قرب من الخلاوي او بعد لن يغير من نسب راشد الخلاوي شيئا..!!
تمت بحمد الله .
وللحديث بقيه اذا لزم الامر .