تهيأ المنصوح لقبول النصيحة: بمعنى النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد أن يقدم نصيحة إلى أحد في البداية يهيئه لقبول النصيحة ما يأتي هكذا، ويدخل في عينه مباشرة، ويعطيه النصيحة.. لا.. يهيئه لقبول النصيحة.
مثال :معاذ بن جبل (رضي الله تعالى عنه) كان يصلي، ويقوم بعد الصلاة أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقدم إلى معاذ نصيحة في ذكر يقوله بعد الصلاة فهل أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاذ، وأمسكه، وقال: يا معاذ قل بعد الصلاة كذا وكذا، هيأه أولا.. أعطاه كلام جميل قبل ما يعطيه النصيحة.
قال -صلى الله عليه وسلم- "يا معاذ والله إني أحبك" معاذ انبسط.. ثم قال: "فلا تدعن في دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"، هنا ما العلاقة بالله بين الحب، وبين أن يقول هذا الذكر بعد الصلاة.. تهيئه حتى يفتح شهيته؛ ليقبل النصيحة.
(تهيئة المنصوح)، لأجل أن يقبل منك النصيحة.. هذا مارسه حتى مع زوجتك، مع أولادك لما تلاحظ على زوجتك شيئا تعاملها مع أمك مثلا غير جيد قلت لها: والله يا فلانه ألاحظ ما شاء الله أنك محبوبة بين الجيران، وأسلوبك لطيف معهم.. فلما تثني عليها، تهيئها، وتلين قلبها، وتفتح شهيتها عندها تقول بعد ذلك.. لكن أيضا يا ريتك تهتمي أكثر بالتعامل مع والدتي، والتبسم في وجهها، والتلطف في عشرتها ونحو ذلك ، هذه القاعدة تهيئ المنصوح من أجل أن يقبل منك النصيحة.
((((((ثانياً ))))))
لا تدقق على كل شيء..بعض الناس في تربيته لأولاده أو أحيانا حينما يتعامل مع الناس لا يرى في الصفحة البيضاء إلا الأسود مثلا، ولو وضعت له طعاما حسنا جميلا لما أثنى على الطعام، إنما يتكلم عن شعرة سقطت في الصحن خطأ، لا تدقق على كل شيء، ولا تكن متصيدا الأخطاء مع الناس.
تقول عائشة (رضي الله عنها) وهي تصف النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: دخلت النبي -صلى الله عليه وسلم- في الضحى قالت: فلما دخل علينا في الضحى قال: هل عندكم طعام؟ قالت: ما عندنا طعام.. ما في طعام أنا كنت أود أن يكون في طعام، ولكن ما في طعام.. ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- طيب لماذا لم تستيقظي مبكرة، وتحضري لنا طعاما؟ ما الذي تنامين إلى الضحى؟ لكنه قال -عليه الصلاة والسلام- "إني إذا صائم" وصام إلى المغرب.. أدقق، وأعمل قضية علشان طعام تأخر، وتقدم..لماذا أحرق أعصابي،بعض الناس ترى ضغط نفسه بنفسه، ويعمل قضايا، وكل صغيرة، وكبيرة يعمل منها خصومه.. يا أخي لا تعذب نفسك.. لا تقتل نفسك.. هكذا الدنيا لا تدقق على كل شيء.
(((((ثالثاً )))))
التلميح للخطأ من غير تصريح: فافعل إذا استطعت أن تقدم النصيحة تلميح من غير تصريح.. فافعل مثال النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا رأى خطأ لأحد أصحابه يقوم، ويقول:ما بال قوم يفعلون كذا وكذا.. يعني الذي فعل يفهمها يترك ما كان يفعل قال ذات مرة: ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء، بمعنى في الصلاة واحد يصلي وهو يقرأ يبدأ ينظر فوق أو إذا قال: سمع الله لمن حمده نظر فوق.. فنهي النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك فقال: "ما بال أقوم يرفعون أبصارهم إلى السماء؟" ثم لا زال أولئك يقعون في الخطأ، ويرفعون أبصارهم إلى السماء.. فقام -صلى الله عليه وسلم- وقال: "ما بال أقوم يرفعون أبصارهم إلي السماء" للمرة الثانية ثم قال: "لينتهن عن ذلك" يتركون رفع الأبصار "أو لتخطفن أبصارهم" أو رب العالمين يعميهم.. لا ترفع بصرك إلى السماء عن موضع سجودك في صلاتك، ولم يصرح -عليه الصلاة والسلام-
في حديث آخر في البخاري لما تكلم أهل الإفك في عائشة فيما تكلموا فيه عائشة (رضي الله عنها) خرجت مع النبي -
عليه الصلاة والسلام- في غزوة بني المصطلق، وقامت لتقضي حاجتها، وضيعت عقدها، وأخذت تبحث عن العقد جاء الصحابة، وظنوا أنها جالسة في الهودج.
فجاءوا وظنوا عائشة دخلت الهودج فأقاموا البعير ومشوا.. رجعت عائشة ما وجدت أحدا جلست تنتظر أقبل واحد من الصحابة متأخرا صفوان بن المعطل (رضي الله عنه ) لما رأى عائشة جاء، وقرب البعير، وصد عنها ركبت عائشة علي البعير، والرجل ما قال ولا كلمة، ومضى يمشي حتى وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأعطاهم.. وصل عائشة عند النبي صلى الله عليه وسلم وسكت، ومشى المنافقون تكلموا.. قالوا: آه ما تأخرت إلا أنه فعلت معه كذا، وكذا.. شوفوا الفرية العظمية، وقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، وقال: "ما بال أقوام يؤذونني في أهلي".. يعرفهم عبد الله بن أبي بن سلول، وفلان وفلان، ومع ذلك مع أنهم منافقون لم يتكلم بأسمائهم يعرض.
ويلمح من غير تصريح قال: "ما بال أقوام يؤذونني في أهلي والله ما علمت على أهلي إلا خيرا من يعذرني في رجل يتكلم في أهلي".. بلغني أذاه حتى وصل إلى أهلي لم يصرح باسمه -عليه الصلاة والسلام- ما أجمل يا جماعة لو نستعمل هذا الأسلوب! لو استعمله الرجل مع أولاده.
((((رابعًا ))))
أن تضع نفسك في مكان المنصوح، أحيانا تأتي إلى إنسان، وتنصحه كأنه كفر بفعله أو كأنه ارتد عن الدين يعني تغيب عن صلاة الفجر مثلا أو ربما دخل إلى سوق فيه منكرات معينة أو ربما زوجته لبست لباس لا يليق أو نحو ذلك ، إذا أردت أن تنصح لا تجلد الذي أمامك جلدا إلى درجة أنه يشعر أنه ارتد عن الدين بهذا ضع نفسك في موضع الملوم ربما يكون المسكين مضطر إلى هذا الفعل خذ مثالا على ذلك أقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه يوما قادمين من معركة من المعارك أطالوا المشي حتى تعبوا تعبا شديدا.. فقال "صلى الله عليه وآله وسلم" لأصحابه "قال: هل وددتم أن تعرسوا؟" يعني هل تودون أن ننزل نرتاح.. قالوا: "نعم يا رسول الله"..فقال: "من يرقب لنا الفجر؟ حتى لا يفوتهم قال بلال: أنا ،جلس واتكأ على بعيره، وتوجه إلى جهة طلوع الفجر، وأخذ ينظر ينتظر.. ينتظر حتى يطلع الفجر، ويؤذن يوقظ الناس للصلاة فأثناء انتظاره غلبته عينه.. حتى نام.. طلع الفجر، وانتشر الضوء، وطلعت الشمس، والناس نائمون.. فما أيقظهم إلا حر الشمس، واستيقظ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقام عمر يقول: الله أكبر فزعان كيف تفوتنا الصلاة؟ فالتفت النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بلال قال: "يا بلال أين كلامك؟ أنت ما قلت سأوقظكم.. وين؟ أين كلامك يا بلال؟ فقال بلال:" يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفوسكم".. أنا اجتهدت أن أبقى مستيقظ.. لكن النوم سلطان فقال -صلى الله عليه وسلم- "ارتحلوا هذا موضع حضرنا فيه الشيطان" فارتحلوا ومشوا قليلا، وصلوا ولم يلم بلال في ذلك.. الرجل فعل أكثر ما عليه أنا والله اجتهدت قمت أصلي.. أصلي.. لكن تعبت فقلت: أرتاح.. فغلبني النوم غصب عني.. أنت تلوموني؟ أمر خارج عن طاقتي.. ما استطعت يا أخي أن أفعل شيء أكثر من ذلك.
(((((خامساً )))))
إذا كان الأمر انتهى قال: تلم ولا تنصح، بمعنى أحيانا يا جماعة يكون الأمر حصل، وانتهى فكونك تأتي للشخص الذي أمامك، وتلومه، وتتكلم عليه ما في فائدة خلاص الأمر،مثل لو أن إنسانا أهمل ولده فخرج الولد إلى الشارع، وصدمته سيارة ومات.. هل مناسب تأتي في العزاء، وتقول: أحسن الله عزاءك، ومرة ثانية انتبه لعيالك،خلاص انتهى الأمر..