بسبب جليس السوء.. مشعل يقبع 14 عاماً خلف القضبان - ملتقى ومجالس قبيلة الجميل الهلالية ( الموقع الرسمي )

توقيع » · منذ /17-06-2011

حقوق الإنسان وهيئة التحقيق تراجع ملفه..

بسبب جليس السوء.. مشعل يقبع 14 عاماً خلف القضبان

السجين مشعل

صحف - راشد الزهراني بعد مضي 14 عاماً قضاها الشاب السعودي /مشعل بن سعد سويلم في السجن ومنذ أن كان عمره لا يتجاوز الـ 18 سنة في قضية غامضة ودونما محكومية، بدأت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وجهاز هيئة التحقيق والادعاء العام بمراجعة ملف القضية، وقد صرح الدكتور صالح الخثلان نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لـ"صحف" بأنه تمت مخاطبة مدير عام السجون لتزويدنا بإحداثيات هذه القضية للنظر فيها، وعن سبب بقاء الشاب مشعل طوال الـ 14 سنة دونما محكومية .
وقد استمعت الجمعية من ذوي السجين بكامل تفاصيل القضية، وان الحكم الخاص اسقط عنه وبقي الحق العام، وأن المعاملة رفعت إلى هيئة التمييز للنظر فيها وبعدها يصدر الحكم العام .
وأضاف الخثلان بأن الجمعية قامت بتشكيل لجنة خاصة من كبار مستشارين القانون والمحاماة؛ للتباحث في هذه القضية، على ان يتم معالجتها أو رفعها إلى المقام السامي للبت فيها، كما علمت "صحف" أن هيئة التحقيق هي الأخرى تسعى لمراجعة ملف القضية والتباحث فيها، وقد افاد المصدر بأن الهيئة سوف تقوم بزيارة السجين والاطلاع على كامل .
من جانب آخر استنكر فضيلة الشيخ سعد الحقباني القاضي بالمحكمة الجزئية بالرياض رفع المعاملة إلى هيئة التميز دون حكم المحكمة، حيث قال "المفترض ان تصدر المحكمة الحكم في القضية، ومن ثم رفعها لهيئة التمييز للتصديق او الاعتراض، كما استغرب من مدة السجن الطويلة التي قضاها السجين داخل السجن دون ان يصدر بحقه حكم شرعي، فالقضية يبدو أنها غامضة وبحاجة إلى متابعة وإيجاد محامي لتناول هذه القضية" .

سعد الباحوث

ويعلق المحامي / سعد الباحوث أن قصة الشاب مشعل فيها كثير من المخالفات الشرعية والنظامية من الناحية الاجرائية التي ادت إلى حبسه لعدة سنوات دون وجه حق، ويجب اخلاء سبيله فورا وتعويضه عن تلك الفترة التي حبس خلالها، وذلك في حال ما اذا كانت روايته صحيحة ودقيقة، وذلك على النحو التالي: .
أولا: مخالفة أحكام الشريعة الاسلامية: نص النظام الأساسي للحكم في مادته السابعة على أن يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة، كما نصت المادة السادسة والعشرون على أن تحمي الدولة حقوق الإنسان، وفق الشريعة الإسلامية .
وقد جاءت أحكام التوقيف على ذمة القضايا مفصلة في بعض كتب الفقه وحدد لها الفقهاء قدرا معدودا من الايام لا تتجاوزه حفاظا على الحريات التي أوجبها الله عز وجل على عباده فلا يجوز حبس نفس الا بحقها .
ثانيا: مخالفة المعاهدات الدولية وميثاق حقوق الانسان: تلتزم المملكة بالمواثيق والمعاهدات التي قامت بالتوقيع عليها، ويشمل ذلك ميثاق حقوق الانسان الذي نص في البند 13 على أن لكل فرد الحق بحرية التنقل والإقامة ضمن حدود دولته، وغيرها من الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي تضمن حقوق الانسان وحريته والتي حددت مدد للحبس الاحتياطي لا ينبغي تجاوزه وحظرت حبس الأشخاص دون ضابط، وهو ما انتهك بالنسبة لقصة الشاب مشعل .
ثالثا: مخالفة نظام الإجراءات الجزائية: حدد نظام الإجراءات الجزائية طريقا محددا في حال توقيف المتهم على ذمة قضية من لحظة القبض عليه إلى نهاية محاكمته حفاظا على حريته فقد نصت المادة الثالثة والثلاثون من النظام على انه في جميع الأحوال لا يجوز إبقاء المقبوض عليه موقوفاً لأكثر من أربع وعشرين ساعة إلا بأمر كتابي من المحقق، فإذا لم يكن المتهم حاضراً فيجب على رجل الضبط الجنائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره وأن يبيِّن ذلك في المحضر .
كما نصت المادة الرابعة والثلاثون على أنه يجب على رجل الضبط الجنائي أن يسمع فوراً أقوال المتهم المقبوض عليه، وإذا لم يأت بما يبرئه يرسله خلال أربع وعشرين ساعة مع المحضر إلى المحقق، الذي يجب عليه أن يستجوب المتهم المقبوض عليه خلال أربع وعشرين ساعة، ثم يأمر بإيقافه أو إطلاق سراحه .
وعلى ضوء ما تقدم فإنه ينبغي ان يتم توجيه الاتهام والشروع في التحقيق مع المتهم خلال الثمانية والاربعين ساعة الاولى من وقت القبض عليه ويترتب على عدم مراعاة هذه المدة بطلان اجراء التوقيف .
ويلي ذلك في حال وجود مبرر من مبررات التوقيف أن يصدر قرار عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بتوقيف المتهم مدة لا تزيد على الخمسة ايام، وفي حال وجود مبرر للتمديد تعرض الاوراق على رئيس هيئة التحقيق والادعاء العالم الذي يجوز له مد حبس المتهم لمدة ثلاثين يوما، ويجوز له تجديد حبسه وتوقيفه لمدد مماثلة بحيث لا يزيد مجموعها على ستة أشهر عملا بنص المادة الرابعة عشرة بعد المائة من ذات النظام .
فاذا كان مشعل لم يحال إلى المحاكمة الا بعد مضي خمس سنوات من تاريخ القبض عليه، فإن إجراءات توقيفه تكون باطلة ومخالفة للنظام فضلا عن مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية، مما يوجب اطلاق سراحه فورا فضلا عن التعويض عملا بما استقر عليه القضاء من أن أخطاء جهة الإدارة متى كانت سبباً في إلحاق ضرر بأحد الأشخاص فإن المتضرر يستحق تعويضاً جابراً للضرر اللاحق به جراء هذا الخطأ .

المحامي الدكتور نايف الشريف

الدكتور نايف الشريف أستاذ القانون والمحاماة بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة يقول: لقد اطلعت في فحوى قضية الشاب مشعل فالواضح ان القضية استغرقت وقتا طويلا جداً ولم يصدر حكم بشأنها - حسب المعطيات - حكم قطعي، كما لم يتضح من الوقائع أن مشعل يعد الجاني الرئيسي في القضية؛ فالأدلة تشير بشكل مباشر إلى (س) (م) فضلاً عن أنه لم يتبين ماهية الأدلة اليقينية التي جعلت المحكمة تبقي مشعل رهن أسوار السجن مدة (14) سنة، وقد يكون من بين الأسباب تبدل القضاة الذين نظروا القضية مما أثر على سرعة البت في القضية .
وقد نصت المادة (40/4) من اتفاقية حقوق الطفل التي صدقت عليها حكومة المملكة على "عدم إكراه الأطفال - دون سن الثامنة عشرة - على الإدلاء بشهادة أو الاعتراف بالذنب وكفالة اشتراك واستجواب الشهود لصالحه في ظل ظروف من المساواة " .
كما لم يثبت من خلال سرد الوقائع أن الاعتراف قد تم داخل المجلس الشرعي إذ أن المتهم - مشعل - أنكر أمام القضاة الذين تناوبوا على نظر القضية ضلوعه في جريمة القتل المنسوبة إليه. أيضاً الثابت من الوقائع أن الواقعة - الجريمة - تمت عندما كان مشعل يبلغ من العمر (17) عاماً ومن المعلوم أن الجرائم الجنائية تستلزم اكتمال الملكة العقلية للشخص المتمثلة في الإدراك والتمييز ويعد سن (18) سنة هجرية سن المسؤولية الجنائية وبالتالي فإنه يمتنع طبقاً لإتفاقية الطفل تطبيق العقوبة الجنائية بحق من لم يبلغ سن التكليف القانوني، فأنا أتساءل عن وجود الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أو هيئة حقوق الإنسان عن مثل هذه القضايا وكذلك أين دور هيئة التحقيق والادعاء العام لاسيما ونحن نعلم بأن هناك متابعة مستمرة من قبل هيئة التحقيق داخل هذه السجون، فالقضية لها أبعادها السياسية والاجتماعية ويجب التحرك الجاد من قبل الجهات المعنية والتحقق من هذا الموضوع كما ينبغي بأن يكون هناك تعويض لهذا السجين في حال لم يثبت عليه شي .
"صحف" تحدثت مع والدة السجين ام مشعل وقالت: لقد توفي زوجي قبل 3 سنوات بسبب الحرمان والغبن على ابنه مشعل، حيث قضى أيامه الأخيرة يطارد في معاملة مشعل ولم يدع باباً الا وطرقه، ولكن دون جدوى، وقد فارق الحياة محروما، وها أنا الآن أعيش الحرمان فانا امرأة أرملة وأم لثلاثة معاقين، ومريضه بالداء الخبيث، وأتجرع الأدوية الكيماوية وأخاف ان أموت قبل ان أرى ابني، فابني سجين طوال هذه المدة لما يقارب ربع قرن دون سبب فلوا ان ابني مذنب لقدمته لميدان العدالة، ولكن هكذا مسجون بدون معرفة السبب، هذا هو القهر والحسرة، فنحن نعلم بأن حكومتنا الرشيدة لا ترضى بهذا وندعو الله بأن يحق الحق ويزهق الباطل .
وفي تفاصيل أوسع توصلت "صحف" إلى السجين وتحدثنا معه عبر الهاتف وقد روى قصته بتفاصيلها المحزنة حيث قال: عندما كنت في المرحلة المتوسطة كنت ابحث عن وظيفة، وقد تعرفت على (س، ف) المتهم في القضية، حيث اغراني بوجود واسطة لتوظيفي، فقمت بسحب ملفي وذهبت معه للبحث عن وظيفة، ونحن عائدان إلى منزلينا واذ بسيارتين تطاردانا، فطلب مني المتهم الهروب، معللا السبب بأنهم يريدون مشاجرتنا، فاستجبت له وهربنا، وبعد ان وصلنا بيت المتهم تفاجأت بالسيارتين تداهماني، فأدركت بأن الأمر عكس ما يدعيه المتهم، فأخذونا معهم وبعد ان دخلنا الأدلة الجنائية، ووضعوني في الحجز، سأل المحقق المتهم هل لمشعل علاقة؟ قال لا، فأطلقوا سراحي وكان عمري آنذاك لم يتجاوز الـ 17 سنة، فقد اخذوا سيارتي فرجعت لهم اليوم التالي لكي اخرج سيارتي تفاجأت عندما تم القبض علي وحجزوني في الادلة الجنائية، وفتح قضية معي وأخذوا يسألونني عن علاقتي بالمتهم واين ذهبت معه؟ بعدها أدركت بوجود سوابق جنائية ارتكبها المتهم وان له صوراً وهو يرتدي الزي العسكري برتبة ضابط نقيب وكان مطلوبا امنيا .
أوقفوني لمدة شهرين ثم أحالوني إلى دار الملاحظة، ومكثت ما يقارب الستة أشهر في الحجز الانفرادي، ومن ثم إلى قسم العليا والسليمانية، وبعد مضي خمس سنوات طلبت للمحكمة ومن جلسة إلى جلسة ومن قاض إلى قاض، وفي احدى الجلسات حكم القاضي بإسقاط الحق الخاص .
وارتفعت إلى التمييز وبعد السبعة اشهر سقط الحق الخاص، وبقي الحق العام، وحضرت ثلاث جلسات لأجل الحق العام، وبعدها أخذ القاضي ناظر القضية إجازة فاستلمها قاض آخر، علماً بان اخي طلب من الشيخ ورقة اثبات سقوط الحق الخاص، ولكنه رفض إعطاءه، ولي الآن 14 سنة في السجن دونما محكومية، فمن يعوضني؟ .