نكاح المتعة في القرآن :
كان نكاح المؤقت موجوداً عند اليهود والفرس وغيرهم وقد تسرب إلى المجتمع الجاهلي في الجزيرة فلماء جاء الإسلام حرمه أول عهده في مكة بقوله تعالى في القرآن الذي نزل مرتين ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) المؤمنون /5-7 ، المعارج/29-31 .
يتبين من هذا النص المكي أن " الأصل في الفروج الحرمة " وأما التحليل فاستثناء لابد من ذكره ، فما سكت عنه فهو حرام ، فقوله تعالى " لفروجهم حافظون " هذا هو الأصل ، أي الحرمة " إلا " هذا هو الاستثناء ومحله : " أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم" هذا هو المستثنى من التحريم ، وهو نوعان من النكاح ما عداهما حرام ، وحتى لا يدع الله مجالاً للاشتباه أو الالتباس نص على حرمة ما عداهما بقوله الصريح " فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " فكل فرج دونهما حرام سواء استبيح بالزنا أو المتعة أو الاستبضاع .. الخ .
هذا في مكة ، أي أن المسلمين لم يمارسوا هذا النكاح في العهد المكي لحرمته . ولما هاجروا إلى المدينة لم تذكر الآيات النازلة فيها بخصوص النكاح إلا النوعين الأولين ، الزواج الدائمي ونكاح المملوكة باليمين ( الأمة ) . والتمتع بها ليست زوجة لعدم التوارث قال تعالى ( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ... ولهن الربع مما تركتم ..) الآية النساء/12 ولو كانت زوجة لورثت وأورثت . انظر الآيات في هذين النوعين في ( البقرة /221 ، النور/32/33، الأحزاب/50/52 ، النساء/3 ) .
في سورة النور قال تعالى ( وأنكحوا الأيامى منكم – أي الذي لا أزواج لهم من الأحرار – والصالحين من عبادكم وإمائكم – وهذا نكاح ملك اليمين ، ثم قال – وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ) النور/33 . فأمر من لا يجد زوجة أو أمة ينكحها بالصبر والعفاف . وفيه تحريم ما عداهما . فلو كانت المتعة حلالاً لذكرها كأن يقول ( وليستمتع ) لا أن يقول ( وليستعفف ) الذي يقتضي المنع لا سيما وأن ( الأصل في الفروج الحرمة ) .
وفي سورة النساء جاء قوله تعالى ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع - وهذا هو الزواج الدائمي ثم قال – فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة – أي الحرائر – أو ما ملكت أيمانكم ) النساء/3 .
فجعل مجال التخيير محصوراً في الأفراد ونكاح الأمة ولو كانت المتعة مشروعة لجعلها موضعاً للاختيار فهي حرام إذن .
ثم جاء قوله تعالى بعد ذكر محرمات النكاح ( وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة – إلى قوله – ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم ) النساء/24 ،25 .
وهذان الزواج الدائمي وملك اليمين ، ولو فسرنا الأول بنكاح المتعة لما بقي للزواج الدائمي الذي هو الأصل في النكاح ذكر في الآيات ! وهذا غير معقول وليس من سبب يلجئنا إلى القول به سوى ما اشتبه على البعض من لفظ " استمتعتم " وهو لا ينهض حجة لأنه متشابه.
لفظ ( استمتعتم ) متشابه
إن الاستدلال بالقرآن على مشروعية نكاح المتعة لا يصح لأن الموضع الوحيد فيه الذي يحتجون به عليه ، لفظ متشابه وليس قطعي الدلالة محكماً .
إن استحلال الفروج في الإسلام مسألة عظيمة جداً لا يصح التساهل فيها أبداً بحيث يقبل فيها من الأدلة ما تشابه ، وبما انه لا يوجد نص واحد في القرآن صريح الدلالة على نكاح المتعة ، فالقول بمشروعيته باطل لأنه اتباع للمتشابه.
معنى ( الاستمتاع ) لغة:
أصل الاستمتاع في اللغة التلذذ والانتفاع وهذا قد يكون بالطعام كما في قوله تعالى ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم ) المائدة/96 ومرة يكون باللباس كما في قوله تعالى ( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً لكم ) النحل/80 ومرة يكون بالمال المدفوع إلى المطلقات ( ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف ) البقرة/236 ومرة يكون بالجماع كما في قوله تعالى ( فما استمتعتم به منهن ) أي جامعتم لأن الجماع أخص ما يتلذذ ويستمتع به . ولقد جاء لفظ ( الاستمتاع ) مشتقاته في القرآن الكريم ستين مرة لا علاقة لواحد منها بنكاح المتعة كما في قوله تعالى ( وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذين أجعلت لنا قال النار مثواكم ) الأنعام/28 وقوله ( قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ) إبراهيم/30 لأن السياق يأبى ذلك وكذلك سياق آية النساء . ما معنى الآية إذن ؟؟؟
يتبـــع