في صباح يوم جميل، اتفق محمد الجميلي وصديقه عبدالله الحويش على الانطلاق في رحلة صيد إلى برية الشرقاط، حيث يمتد الأفق الواسع والأرض القاحلة التي تزينها الكثبان الرملية المتناثرة. كان محمد قد استعد جيداً لهذه الرحلة، فجهّز سيارة الفور رنر القوية وحمّلها بالمؤن والأسلحة التقليدية، وأهم ما كان معه هو الصقر الشجاع الذي دربه بنفسه على الصيد بدقة.
بدأت الاستعدادات منذ الليلة السابقة، حيث تأكد محمد من سلامة السيارة وتعبئتها بالوقود، بينما كان عبدالله يتفقد معدات الصيد من بنادق وقوس وسهام، بالإضافة إلى الطعام والشراب. في الصباح الباكر، وبعد صلاة الفجر، انطلقا على بركة الله، والسعادة تملأ قلوبهما.
كان الطريق طويلاً، محفوفاً بتضاريس متنوعة. بينما كانت السيارة تشق طريقها بين الجبال الرملية والصخور المنتشرة، كان محمد يروي لعبدالله قصصاً عن رحلاته السابقة، وكيف درب صقره على الطيران بسرعات عالية والعودة بمجرد صفير واحد. كان عبدالله يستمع بشغف، معجباً بقدرات محمد وصقره.
توقفت السيارة على هضبة تطل على سهول الشرقاط، حيث قررا أخذ استراحة قصيرة. أنزل محمد الصقر من القفص، ومسح على ريشه برفق، ثم وضع غطاء العينين ليستعد للانطلاق. في تلك اللحظة، لمح عبدالله غزالاً صغيراً على بعد حوالي نصف كيلومتر. كان الغزال يتنقل بخفة بين الأعشاب اليابسة. تبادلا النظرات بعينين تلمعان بالحماس.
خطط محمد بسرعة: "سأطلق الصقر من هنا وأحاول أن أقترب بالسيارة ببطء. عليك أن تراقب المسار." وافق عبدالله بحماسة، وجلس على المقعد الأمامي مع بندقيته. انطلق الصقر في الهواء، يتمايل بجناحيه الواسعين، فيما بدأ محمد بتحريك السيارة بهدوء تام.
فجأة، وكأن الطبيعة قررت اختبار شجاعتهما، ظهر من خلف الصخور كلب بري ضخم يراقب المشهد. توقف محمد فوراً، وأشار لعبدالله بعدم الحركة. راقبوا بصمت بينما الكلب يتقدم ببطء نحو الغزال. أدرك الصقر التهديد، فغير مساره في الهواء، وانقض بسرعة نحو الكلب ليشتت انتباهه. كان المشهد مشحوناً بالتوتر، لكن الصقر أظهر شجاعة لا مثيل لها، مما جعل الكلب ينسحب متراجعاً.
بعد أن عاد الهدوء، اقترب الصقر من الغزال الذي بدا مرتبكاً، وتمكن في النهاية من الانقضاض عليه بمهارة. أسرع محمد وعبدالله نحو الصيد، حيث كان محمد يربت على رأس الصقر بفخر، قائلاً: "أحسنت يا بطل!". ضحك عبدالله وقال: "يبدو أن صقرنا ليس فقط صياداً، بل حامينا أيضاً!"
مع غروب الشمس، جلس الصديقان حول نار صغيرة، يتحدثان عن مغامرتهما وسط الطبيعة البرية. كان اليوم حافلاً بالأحداث، لكنهما تعلما مجدداً أن الصداقة والشجاعة يمكن أن تتغلبا على أي تحدٍّ. ومع ضوء القمر الذي بدأ يسطع، عادا إلى السيارة حاملين قصة جديدة لا تُنسى.